في إحدى الأيام قالت زوجة صالحة لزوجها : يا زوجي منذ أن تزوجتك أكثر من ثماني عشرة سنة لم أجدك مرة تخرج مع أمك لتفسحها و تروح عن نفسها ، ما بك يا زوجي ، إنها أمك العجوز الأرملة ، ماذا تنتظر يا رجل ، و أنت تعلم أن والدك توفي منذ ثلاثة عشر عاما ، فرد قائلا : ولكني مشغول ، فقالت غاضبة : عيب ...
كل إخوتك يأخذون أمك معهم أينما ذهبوا إلا أنت ، تجارتك تلهيك عن برها يا عزيزي ، ليس عيب فقط ، بل أجزم أنه حرام ،
فقال لها : موافق ... أعدك أن أفعل ذلك في أقرب وقت .
و بالفعل اتصلت بأمي في الصباح الباكر ، و أخذتُ أسألها عن حالها وصحتها ،
فسألتني : من الذي يتحدث معي ؟ - لأنها لم تَعْتد أن أتصل بها - قلت يا أمي أنا ابنك فلان ،
قالت : طمني عنك يا بُني ، لِمَ تتصل ؟! هل أصابك مكره يا حبيبي ؟! أخبرني لقد أقلقتني عليك ...
فسألتها : لماذا تسأليني هذه الأسئلة يا أُمّي ؟
قالت : لا شيء يا ولدي ، ولكنك لم تتصل بي منذ زمن ، أبناءك بهم شيء ، فتبسمتُ ضاحكا
وقلتُ : لا يا قرة عيني فقط أردت أن أدعوك لتناول العشاء معي هذه الليلة في إحدى مطاعم المدينة ، وافقت الأم وشعرت بسعادة كبيرة غمرتها ، وفي الساعة المحددة جئتُ إلى بيت أمي ، فوجدتُها تقف أمام المنزل منتظرة قدومي وقد جهزت نفسها للخروج ؟ سألتها : لِمَ تقفين خارج البيت ؟ هل تأخرت عن موعدي معك ؟ قالت : لا يا بني ، ولكني مشتاقة لرؤياك والخروج معك ، بالمناسبة لقد اتصلت بكل إخوتك و أخوالك و أعمامك و أخبرتهم بأنك قد دعوتني الليلة للخروج معك ... وفي السيارة قالت : يا ولدي انظر إلى ثوبي ، قلتُ يا أمي لم تلبسين ثوب قديم ، قالت ، ولكنه أعز ثوب عندي فلم أخرج به إلا مع والدك ، وها أنت اليوم تذكرني بوالدك يا بُني
وبعد وصولهم للمطعم ، أخذت الأم قائمة الطعام ، يقول الابن : تقرأ وتنظر إليّ وتبتسم وتكرر ذلك فسألتها : ما بك يا أمي ، قالت يا ولدي أنت تعلم أني لا أقرأ ، فسألتها : هل تريدني أن أختار لك ، قالت : ما تختاره لنفسك اختره لي ...
أدمعت عينيها فسألتها لماذا يا أُمي ؟ قالت : تذكرت يوم أخذتك لمطعم و أنت طفل ، سألتك ماذا ستأكل ؟ فأجبت : أيُّ شيء ستأكلينه سآكل منه ، لقد جاء اليوم الذي تختار به أنت ليَ الطعام وترد الجميل يا ولدي ، يقول الابن لقد قضيت أجمل ليلة في حياتي مرّت بي كل الذكريات ، استأنست بأمي و استأنست أمي بي ، أعدتها للبيت وقلت لها ما رأيك يا أمي بالخروج مرة أخرى ، قالت غدا .. قلت لها : لا ، ولكن قريبا سأخبرك بالموعد ، قالت : ولكن بشرط أن تكون المرة القادمة على حسابي ، قلت لن نختلف ...
راحت الأيام و مرت الشهور و الأم تنتظر المرة الأخرى ، إلى أن أصابها مرض لم تستطع القيام من فراشها إلى أن توفاها الله ، يقول وبعد وفاتها بمدة قليلة اتصل بنا شخص غريب قال : أنه يعمل في مطعم و أنني مدعو أنا وزوجتي للعشاء في هذا المطعم هذه الليلة ، فسأله : عشاء مجاني ؟ من الذي دفع الحساب ؟ فرد قائلا : امرأة اسمها فلانة وذكر اسم أمي ...
وبعد ذهابه أُعطي رسالة كتبتها له ، مفادها تمنيت أن أكون معك الليلة ، ولكن لعلمي أنك ستنشغل عني اخترت أن أدعو معك أفضل امرأة من بعدي إنها زوجتك الصالحة يا بني .
0 التعليقات:
إرسال تعليق