في الإسلام هناك مبادئ لا يجب تجاوزها وإن تم التجاوز فإن كل شيء سيصحح حتى ولو كان التصحيح باهظ الثمن ، ذلك يوم أن كنا عظاماً نسود الأمم ونقود الناس بالعدل قبل أن تصل الأمة إلى ما وصلت إليه من تفكك وضعف ، وقصتنا اليوم تروي سبباً بنظر الكثيرين غريباً لانسحاب المسلمين بعد أن سيطروا على مدينة سمرقند الأوزباكية ولكنه العدل ولو على أنفسهم
حدثت هذه القصة في عهد الخليفة عمر بن عبد العزيز حيث كان قائد جيش المسلمين قتيبة الباهلي وكان يفتح المدن والقرى وقد فتح الله على يديه مدينة سمرقند ولكنه فتحها دون أن يدعو أهلها قبل ذلك للإسلام أو الجزية ، ثم إمهالهم ثلاثاً للتفكير في الأمر ثم إتخاذ القرار وعندما علم أهل سمرقند أن هذا مخالفاً للشروط الإسلامية كتب كهنتها رسالة إلى سلطان المسلمين في ذلك الوقت وهو عمر بن عبد العزيز عليه رحمه الله ، أرسلوا بهذه الرسالة أحد أهل سمرقند يقول هذا الرسول:-
( أخذت أتنقّل من بلد إلى بلد أشهراً حتى وصلت إلى دمشق دار الخلافة فلما وصلت أخذت أتنقل في أحيائها وأُحدِّث نفسي بأن أسأل عن دار السلطان ، فأخذت على نفسي إن نطقت باسم السلطان أن أؤخذ أخذاً فلما رأيت أعظم بناءٍ في المدينة ، دخلت إليه وإذا أناس يدخلون ويخرجون ويركعون ويسجدون ، وإذا بحلقات هذا البناء ، فقلت لأحدهم أهذه دار الوالي؟
قال: لا ، بل هذا هو المسجد.
قال: صليت ؟ قال: قلت: وما صليت؟
قال: وما دينك؟
قال: على دين أهل سمرقند ، فجعل يحدثني عن الإسلام حتى اعتنقته وشهدت بالشهادتين
ثم قلت له: أنا رجل غريب أريد السلطان دلّني عليه يرحمك الله؟
قال أتعني أمير المؤمنين؟ قلت: نعم .
قال: اسلك ذلك الطريق حتى تصل إلى تلك الدار وأشار إلى دار من طين .
فقلت: أتهزأ بي؟
قال: لا ولكن اسلك هذا الطريق فتلك دار أمير المؤمنين إن كنت تريده
قال: فذهبت واقتربت وإذا برجل يأخذ طيناً ويسدّ به ثُلمة في الدار وامرأة تناوله الطين
قال: فرجعت إلى الذي دلّني
وقلت: أسألك عن دار أمير المؤمنين وتدلّني على طيّان!
فقال: هو ذاك أمير المؤمنين .
قال: فطرقت الباب وذهبت المرأة وخرج الرجل فسلّم علي ورحّب بي وغسّل يديه
وقال: ما تريد؟
قلت: هذه رسالة من كهنة سمرقند
فقرأها ثم قلبها فكتب على ظهرها ( من عبد الله عمر بن عبد العزيز إلى عامله في سمرقند أن انصب قاضياً ينظر فيما ذكروا ) ,
ثم ختمها وناولنيها.
فانطلقت أقول: فلولا أني خشيت أن يكذبني أهل سمرقند لألقيتها في الطريق
ماذا تفعل هذه الورقة وهذه الكلمات في إخراج هذه الجيوش العرمرم وذلك القائد الذي دوّخ شرق الأرض برمتها .
قال: وعدت بفضل الله مسلماً كلما دخلت بلداً صليت بمسجده وأكرمني أهله
فلما وصلت إلى سمرقند وقرأ الكهنة الرسالة أظلمت عليهم الأرض وضاقت عليهم بما رحبت ،
وذهبوا بها إلى عامل عمر على سمرقند فنصّب لهم القاضي جُمَيْع بن حاضر الباجي لينظر في شكواهم
ثم اجتمعوا في يوم وسألناه دعوانا فقلنا اجتاحنا قتيبة ولم يدعنا إلى الإسلام ويمهلنا لننظر في أمرنا فقال القاضي: لخليفة قتيبة وقد مات قتيبة – رحمه الله – : أنت ما تقول؟ قال: لقد كانت أرضهم خصبة وواسعة فخشي قتيبة إن أذنهم وأمهلهم أن يتحصنوا عليه .
قال القاضي: لقد خرجنا مجاهدين في سبيل الله وما خرجنا فاتحين للأرض أشراً وبطراً ثم قضى القاضي بإخراج المسلمين على أن يؤذنهم القائد بعد ذلك وفقاً للمبادئ الإسلامية . لم يتخيل أهل سمرقند أن هذه الكلمات ستكون صاحبة هذا التأثير ، وبعد أن انسحب الجيش المسلم من سمرقند أعطى أهل سمرقند الخيارات ما بين الإسلام أو الجزية أو القتال وقد رق قلب أهل سمرقند للإسلام لما رأوا من عدالته واحترام أبنائه فدخل أغلبهم في الإسلام ومن لم يسلم دفع الجزية بقلب راض
0 التعليقات:
إرسال تعليق