إلا أنهما يختلفان كلياً في الطباع
فحيث أن النملة مجدة مجتهدة في عملها
فإن الصرصور كسول وبليد
لا يكترث بأي شيء
يحيا حياته كما تهوى نفسه ويتهرب من أي التزامات
في الخريف
كانت النملة الصغيرة تعمل بدون توقف ،
تجمع الطعام وتخزّنه للشتاء .
ولم تكن تتمتّع بالشمس،
ولا بالنسيم العليل للأمسيات الهادئة،
ولا بالأحاديث بين الأصدقاء وهم يتلذذون بتناول المشروبات واللعب بل والسخرية من كدها وعنائها
وكان الصرصور يدعوها
لتغني وترقص وتسعد بالطقس الجميل مثله فكانت ترفض ذلك معللة رفضها بضرورة ما تفعله ،
لم يكن الصرصور يكترث للشتاء الذي أوشك على الحلول ...
وحين أصبح الطقس بارداً جدّاً،
كانت النملة منهكة من عملها
فاختبأت في بيتها المتواضع المملوء مونة حتى السقف
بعد أن وفرت لنفسها قوت يومها واطمأنت لحياة بسيطة
وما كادت تغلق الباب حتى سمعت أحداً يناديها من الخارج.
فتحت الباب،
فاندهشت إذ رأت صديقها الصرصور
يركب سيّارة فرّاري ويلبس معطفاً غالياً من الفرو.
فقال لها الصرصور:
صباح الخير يا صديقتي !
سوف أقضي الشتاء في باريس.
هل تستطيعين ، لو سمحتِ ، بأن تنتبهي لبيتي؟
أجابته النملة:
- طبعاً. لا مشكلة لدي.
ولكن، قل لي: ما الذي حصل؟
من أين وجدت المال لتذهب إلى باريس
ولتشتري هذه الفرّاري الرائعة وهذا المعطف؟
أجابها الصرصور:
تصوري أنني كنت أغني في الحانة الأسبوع الماضي،
فأتى منتج وأعجبه صوتي ... ووقعت معه عقداً لحفلاتٍ في باريس.
آه، كدتُ أنسى.
هل تريدين شيئاً من باريس؟
فأجابت النملة بكل أسى ...
إن استطعت أن توفر لي مكاناً للعمل معك فأنا جاهزة
هذه القصة مستوحاة من واقع حياتنا التي نحيناها
فحيث يجتهد المتفوقون طوال مراحل حياتهم ليتحصلوا على الشهادات العلمية
ثم يقدموا الفكر والعلم الذي يطور التكنولوجيا للبشرية جمعاء
نجد أن وضعهم الاجتماعي بين الناس والمادي
لا يضاهي بالمطلق وضع أولئك المغنين والراقصين
الذين يعيشوا حياتهم منذ طفولتهم على التقصير واللامبالاة بل وعدم الإنضباط أخلاقياً
وهذه آفة أصابت أوطاننا أدت إلى هجرة العلماء إلى الغرب ليقدموا لهم
ويضحي مجتمعنا بهم ليحصلوا على جنسيات لدول أجنبية
في حين بقينا نتفاخر بالمغنين والراقصين ويتهافت رؤساء الدول على منحهم جنسيات فخرية !
فأصبح حال أمتنا على ما نحن عليه
نسأل الله أن يصلح حالنا
0 التعليقات:
إرسال تعليق